شبح المصعد ج2
في الصباح كان طارق قد قرر عدم البقاء في الشقة حتى و لو عاش هذه المدة في "لوكاندة" ، ليس بسبب ما حدث لعلي فقط و لكن من الكوابيس التي أرهقته طوال الليل لكنه استجاب لرجاء زميله بعد أن وجد في عيون علي نظرة إحباط و توسل .
ذهبا للعمل و عادا سوياً ، و عند المصعد دخل علي و صمم طارق أن يصعد السلالم ، و في المصعد وجد علي امرأة في الثلاثينات قصيرة الشعر بخصلات ذهبية لامعة و عيون باهتة حزينة لدرجة كادت تدفعه للتساؤل ، و لكنه صمت و داس على الزر الرابع و أقفل المصعد ..كانت دقائق قليلة صامتة و لكنها مليئة بالتساؤل خاصة و هناك شعور لدى علي أنه رأى هذا الوجه و لكنه لا يدري أين ؟!
خرج علي من المصعد و شعر بالمرأة تخرج خلفه فتعجب أين تقصد هل لعيادة التخاطب ؟ و عند باب الشقة و هو يدخل المفتاح نظر بطرف عينه و لكنه لم يجدها !
لحق طارق علي و دخل ليسترح ، و حاول علي دخول المطبخ ليعد بعض الطعام للعشاء و لكن فجأة انقطع النور
خرج طارق من غرفته و هو مفزوع و كأنه رأى شبحاً ، فاصطدم بعلي الذي كان خارجاً من المطبخ..
بات الشعور بأن شيء مريب يحدث في هذه الشقة و لكن الاثنان كان يتجنبان الحديث عن الأمر و يشغلا نفسهما بالمشروع.. و قد تكررت رؤية علي للمرأة داخل المصعد ثم تختفي دون تفسير
ثم اتضح الأمر ذات مرة عندما دخل علي المصعد و هو عائد من العمل و كالعادة صعد طارق السلم ..
انقطع النور و علي في المصعد و كان وحده و هنا ظهرت له المرأة و كانت في هيئة مريعة صرخ علي من الفزع و هي تدور حوله حتى فقد وعيه .. أستفاق على وجه طارق و عم فتحي و هما ينقلانه للشقة ، و لما وجداه عاد لوعيه سألاه عما حدث فلم يرد..
خرج عم فتحي و هو يخبط كفاً بكف و يتمتم بكلمات غير مفهومة ، بقي طارق مع علي حتى اطمأن عليه ، ثم اتجه لعم فتحي و هو مصمم أن يعرف منه ما يخفي
أنكر عم فتحي في البداية ثم قال :
- يا أستاذ طارق ، شوف أنت و صاحبك سكن تاني بعيد عن هنا ، الكلام اللي بيتقال كتير و محدش عارف الحقيقة إيه..
- إيه الكلام اللي بيتقال ؟
- الست صاحبة الشقة ..
- احنا مأجرينها من راجل مش ست
- ايوة دا جوزها اللي ورثها بعد بعد ....
- بعد إيه يا عم فتحي
- بعد ما ماتت
- لا انت كنت هتقول حاجة تانية
- يا بيه مش أنا اللي بقول الناس هي اللي بتقول
- احكي يا عم فتحي متعصبنيش بيقولوا إيه ؟
- بيقولوا إنها اتقتلت
شهق طارق و صرخ :
- آه أنا كنت حاسس إن البيت دا في حاجة
- الله يكرمك يا بيه ، متقولش إني قولت لك حاجة إلّا صاحب البيت يقطع عيشي ، محدش قعد في الشقة دي أكتر من ليلة ...
عاد طارق للشقة و هو يقدم خطوة و يؤخر عشرة ، ولا يعرف أيصارح علي بما عرف أم لا .. حدث نفسه قائلاً :
- دي الشقة اللي المفروض إن صاحبه هيتزوج فيها ، و مناسبة له في سعرها و مكانها ، ثم إن مفيش حاجة واضحة حصلت يمكن مجرد أوهام ..
حاول طارق اقناع نفسه بذلك و قرر ألا يخبر صاحبه ..
لكن علي الذي رأى شبح المرأة في المصعد كان مازال صامتاً حائراً ، و منذ ذلك اليوم لم يصعد أو يهبط به ، و كم مرة ينظر لطارق و هو يكاد يخبره بما رأى ثم يتراجع ، جافى النوم علياً أياماً و ليالي حتى بدا شاحباً مضطرباً و هو الأمر الذي كان سبب تأجيل طارق الانتقال من الشقة و ترك صاحبه وحيداً ، و لما ساءت أحوال علي أكثر قرر طارق أن يخبره بالأمر و لتذهب الشقة للجحيم و يبحث صاحبه عن غيرها يتزوج فيها..
و في المساء دخل علي المطبخ بعد عودتهما من العمل ليجهز طعام العشاء الذي جلباه و هما عائدان من الشركة ، و دخل عليه طارق ليحمل الأطباق و قد عزم على إخباره بأمر صاحبة الشقة القتيلة و لكن علي سقط مغشياً عليه أمام طارق الذي ذهل فحمله بصعوبة لأقرب مقعد و حاول إفاقته فوجده محموم ، فنقله إلى فراشه و هو يلعن الشقة و الشركة و الليلة التي أتى فيها ..
كان مرض علي معناه تعطل إتمام المشروع خاصةً أن طارق لن يستطيع أن يقوم بعمله و عمل صاحبه لأنه بالفعل بجواره يمرّضه ، و قد خشى أن يتركه في هذه الحالة ، و كان علياً في أسوأ حالاته ، فبدا و كأنه شبح شاحب لا يكاد يفيق من الحمى إلا ليهذي بكلمات غير مفهومة عن شبح و امرأة ، ثم يفقد وعيه ثانية ..
استمر على ذلك يومان حتى بدأ يستعيد وعيه و انخفضت حرارته ، فتركه طارق و ذهب ليحاول تعويض ما تأخر في المشروع و ذهب لعم فتحي يوصيه أن يطل و يطمأن على علي ، و لم ينسَ أن يوصيه بألا يقص شيئاً لعلي عن أمر صاحبة الشقة ..
كان عليا قد مل من الرقاد فقام يجول في الشقة يتلفت و يتأمل كل تفاصيلها ، و كان يشعر كأنه يحلم أو عاش في هذه الشقة من قبل ، فخلال الحمى رأى رؤية غريبة و لكن لا يتذكر تفاصيلها ، و كأنها أطيافاً تلوح أمامه و تختفي فجأة ..
اقترب علي من صورة معلقة على الحائط ، و هنا رن جرس الباب فجأة ففزع علي و خبطت يده البرواز الذي سقط على الأرض ، تركه علي و ذهب ليعرف من الطارق ، فإذا هو عم فتحي يسأله إن كان بحاجة لشيء تنفيذاً لوصية طارق الذي شفعها ببعض المال دسه في جيب عم فتحي و لولا ذلك ما سأل عم فتحي و لا اهتم ..
طلب منه علي الدخول ، فتسمّر الرجل و هو يحدق في الشقة بقلق فنهره علي بضعف و فراغ صبر
-ما تدخل يا عم فتحي ..
دخل الرجل و هو يبسمل و يتعوذ بالله ثم سأل علي
- اعملك حاجة يا بيه أنا اصلي لازم افتح العيادة ..
- اقعد يا عم فتحي
- يا بيه..
- بقولك اقعد ، هديك تجيب طلبات ، نفسي افطر حاجة تانية غير الجبنة و البقسماط اللي نشفوا بطني ..
- احمد ربنا يا بيه دا إنت كنت تعبان قوي ، بس الشهادة لله صاحبك استاذ طارق دا جدع قوي مافاتكش ليل و لا نهار .
-
-
#يتبـــــع
ذهبا للعمل و عادا سوياً ، و عند المصعد دخل علي و صمم طارق أن يصعد السلالم ، و في المصعد وجد علي امرأة في الثلاثينات قصيرة الشعر بخصلات ذهبية لامعة و عيون باهتة حزينة لدرجة كادت تدفعه للتساؤل ، و لكنه صمت و داس على الزر الرابع و أقفل المصعد ..كانت دقائق قليلة صامتة و لكنها مليئة بالتساؤل خاصة و هناك شعور لدى علي أنه رأى هذا الوجه و لكنه لا يدري أين ؟!
خرج علي من المصعد و شعر بالمرأة تخرج خلفه فتعجب أين تقصد هل لعيادة التخاطب ؟ و عند باب الشقة و هو يدخل المفتاح نظر بطرف عينه و لكنه لم يجدها !
لحق طارق علي و دخل ليسترح ، و حاول علي دخول المطبخ ليعد بعض الطعام للعشاء و لكن فجأة انقطع النور
خرج طارق من غرفته و هو مفزوع و كأنه رأى شبحاً ، فاصطدم بعلي الذي كان خارجاً من المطبخ..
بات الشعور بأن شيء مريب يحدث في هذه الشقة و لكن الاثنان كان يتجنبان الحديث عن الأمر و يشغلا نفسهما بالمشروع.. و قد تكررت رؤية علي للمرأة داخل المصعد ثم تختفي دون تفسير
ثم اتضح الأمر ذات مرة عندما دخل علي المصعد و هو عائد من العمل و كالعادة صعد طارق السلم ..
انقطع النور و علي في المصعد و كان وحده و هنا ظهرت له المرأة و كانت في هيئة مريعة صرخ علي من الفزع و هي تدور حوله حتى فقد وعيه .. أستفاق على وجه طارق و عم فتحي و هما ينقلانه للشقة ، و لما وجداه عاد لوعيه سألاه عما حدث فلم يرد..
خرج عم فتحي و هو يخبط كفاً بكف و يتمتم بكلمات غير مفهومة ، بقي طارق مع علي حتى اطمأن عليه ، ثم اتجه لعم فتحي و هو مصمم أن يعرف منه ما يخفي
أنكر عم فتحي في البداية ثم قال :
- يا أستاذ طارق ، شوف أنت و صاحبك سكن تاني بعيد عن هنا ، الكلام اللي بيتقال كتير و محدش عارف الحقيقة إيه..
- إيه الكلام اللي بيتقال ؟
- الست صاحبة الشقة ..
- احنا مأجرينها من راجل مش ست
- ايوة دا جوزها اللي ورثها بعد بعد ....
- بعد إيه يا عم فتحي
- بعد ما ماتت
- لا انت كنت هتقول حاجة تانية
- يا بيه مش أنا اللي بقول الناس هي اللي بتقول
- احكي يا عم فتحي متعصبنيش بيقولوا إيه ؟
- بيقولوا إنها اتقتلت
شهق طارق و صرخ :
- آه أنا كنت حاسس إن البيت دا في حاجة
- الله يكرمك يا بيه ، متقولش إني قولت لك حاجة إلّا صاحب البيت يقطع عيشي ، محدش قعد في الشقة دي أكتر من ليلة ...
عاد طارق للشقة و هو يقدم خطوة و يؤخر عشرة ، ولا يعرف أيصارح علي بما عرف أم لا .. حدث نفسه قائلاً :
- دي الشقة اللي المفروض إن صاحبه هيتزوج فيها ، و مناسبة له في سعرها و مكانها ، ثم إن مفيش حاجة واضحة حصلت يمكن مجرد أوهام ..
حاول طارق اقناع نفسه بذلك و قرر ألا يخبر صاحبه ..
لكن علي الذي رأى شبح المرأة في المصعد كان مازال صامتاً حائراً ، و منذ ذلك اليوم لم يصعد أو يهبط به ، و كم مرة ينظر لطارق و هو يكاد يخبره بما رأى ثم يتراجع ، جافى النوم علياً أياماً و ليالي حتى بدا شاحباً مضطرباً و هو الأمر الذي كان سبب تأجيل طارق الانتقال من الشقة و ترك صاحبه وحيداً ، و لما ساءت أحوال علي أكثر قرر طارق أن يخبره بالأمر و لتذهب الشقة للجحيم و يبحث صاحبه عن غيرها يتزوج فيها..
و في المساء دخل علي المطبخ بعد عودتهما من العمل ليجهز طعام العشاء الذي جلباه و هما عائدان من الشركة ، و دخل عليه طارق ليحمل الأطباق و قد عزم على إخباره بأمر صاحبة الشقة القتيلة و لكن علي سقط مغشياً عليه أمام طارق الذي ذهل فحمله بصعوبة لأقرب مقعد و حاول إفاقته فوجده محموم ، فنقله إلى فراشه و هو يلعن الشقة و الشركة و الليلة التي أتى فيها ..
كان مرض علي معناه تعطل إتمام المشروع خاصةً أن طارق لن يستطيع أن يقوم بعمله و عمل صاحبه لأنه بالفعل بجواره يمرّضه ، و قد خشى أن يتركه في هذه الحالة ، و كان علياً في أسوأ حالاته ، فبدا و كأنه شبح شاحب لا يكاد يفيق من الحمى إلا ليهذي بكلمات غير مفهومة عن شبح و امرأة ، ثم يفقد وعيه ثانية ..
استمر على ذلك يومان حتى بدأ يستعيد وعيه و انخفضت حرارته ، فتركه طارق و ذهب ليحاول تعويض ما تأخر في المشروع و ذهب لعم فتحي يوصيه أن يطل و يطمأن على علي ، و لم ينسَ أن يوصيه بألا يقص شيئاً لعلي عن أمر صاحبة الشقة ..
كان عليا قد مل من الرقاد فقام يجول في الشقة يتلفت و يتأمل كل تفاصيلها ، و كان يشعر كأنه يحلم أو عاش في هذه الشقة من قبل ، فخلال الحمى رأى رؤية غريبة و لكن لا يتذكر تفاصيلها ، و كأنها أطيافاً تلوح أمامه و تختفي فجأة ..
اقترب علي من صورة معلقة على الحائط ، و هنا رن جرس الباب فجأة ففزع علي و خبطت يده البرواز الذي سقط على الأرض ، تركه علي و ذهب ليعرف من الطارق ، فإذا هو عم فتحي يسأله إن كان بحاجة لشيء تنفيذاً لوصية طارق الذي شفعها ببعض المال دسه في جيب عم فتحي و لولا ذلك ما سأل عم فتحي و لا اهتم ..
طلب منه علي الدخول ، فتسمّر الرجل و هو يحدق في الشقة بقلق فنهره علي بضعف و فراغ صبر
-ما تدخل يا عم فتحي ..
دخل الرجل و هو يبسمل و يتعوذ بالله ثم سأل علي
- اعملك حاجة يا بيه أنا اصلي لازم افتح العيادة ..
- اقعد يا عم فتحي
- يا بيه..
- بقولك اقعد ، هديك تجيب طلبات ، نفسي افطر حاجة تانية غير الجبنة و البقسماط اللي نشفوا بطني ..
- احمد ربنا يا بيه دا إنت كنت تعبان قوي ، بس الشهادة لله صاحبك استاذ طارق دا جدع قوي مافاتكش ليل و لا نهار .
-
-
#يتبـــــع
تعليقات
إرسال تعليق