شبح المصعد ج3

استمر على ذلك يومان حتى بدأ يستعيد وعيه و انخفضت حرارته ، فتركه طارق و ذهب ليحاول تعويض ما تأخر في المشروع و ذهب لعم فتحي يوصيه أن يطل و يطمأن على علي ، و لم ينسَ أن يوصيه بألا يقص شيئاً لعلي عن أمر صاحبة الشقة ..


كان عليا قد مل من الرقاد فقام يجول في الشقة يتلفت و يتأمل كل تفاصيلها ، و كان يشعر كأنه يحلم أو عاش في هذه الشقة من قبل ، فخلال الحمى رأى رؤية غريبة و لكن لا يتذكر تفاصيلها ، و كأنها أطيافاً تلوح أمامه و تختفي فجأة ..
اقترب علي من صورة معلقة على الحائط ، و هنا رن جرس الباب فجأة ففزع علي و خبطت يده البرواز الذي سقط على الأرض ، تركه علي و ذهب ليعرف من الطارق ، فإذا هو عم فتحي يسأله إن كان بحاجة لشيء تنفيذاً لوصية طارق الذي شفعها ببعض المال دسه في جيب عم فتحي و لولا ذلك ما سأل عم فتحي و لا اهتم ..


طلب منه علي الدخول ، فتسمّر الرجل و هو يحدق في الشقة بقلق فنهره علي بضعف و فراغ صبر
-ما تدخل يا عم فتحي ..
دخل الرجل و هو يبسمل و يتعوذ بالله ثم سأل علي
- اعملك حاجة يا بيه أنا اصلي لازم افتح العيادة ..
- اقعد يا عم فتحي
- يا بيه..
- بقولك اقعد ، هديك تجيب طلبات ، نفسي افطر حاجة تانية غير الجبنة و البقسماط اللي نشفوا بطني ..
- احمد ربنا يا بيه دا إنت كنت تعبان قوي ، بس الشهادة لله صاحبك استاذ طارق دا جدع قوي مافاتكش ليل و لا نهار.

جلب علي محفظته و أخرج منها بعض النقود و هو يعدد طلباته من عم فتحي ، ثم نظر إلى الصورة الواقعة على الأرض فطلب من عم فتحي أن يناولها له ، فرفعها عم فتحي و هو يقول :
- أعلقها يا بيه ؟
و لكنه وجد حبلها ممزقا فوضعها أمام علي على المنضدة و نزل و لم ينس أن يبسمل و يحمد الله و على وجهه علامات الفرحة كأنه خرج منتصراً من معركة .


أمسك علي باللوحة يحاول إصلاح خيطها ، فوجد غلافها الخلفي منتفخ و على حافته لاصق ، و كأن أحدهم أخفى بداخله شيئاً ، هنا قفز لذهنه صورة امرأة رآها في هذيانه و هو محموم ، أزال علي اللاصق فوجد ظنه صحيحاً ، ورقتان كورق المذكرات قطعوا على عجل كما يبدو و التصق بهما بضع شعرات شقراء و دسهم شخص ما ليخفيهما !

بدأ علي يقرأ الورقتان و ما كاد يكمل سطر حتى شعر بأنفاس تلهبه خلف أذنه فالتفت فزعاً فلم يجد أحداً ، تحرك علي نحو الفراش و قد شعر بأنه كاد أن يفقد وعيه ، تمدد على الفراش و قرأ في صمت و ذهول ..


جلب عم فتحي الطلبات و أدخله علي بإلحاح و هو يطلب منه أن يعاونه لإعداد الطعام و أخذ العلاج ..
دخل عم فتحي و هو يبسمل و يتعوذ كما فعل سابقاً ، و لكنه ذهل من منظر علي و ارتعب عندما وجده يغلق باب الشقة بالمفتاح و كأنه ينوي على شيء !

صرخ عم فتحي بقلق و هو يرفع يديه في مواجهة علي و كأنه يدفع عن نفسه شراً متوقعاً : 
- في إيه يا بيه ؟!
- اقعد و احكيلي كل شيء عن ست صفية
فغر الرجل فمه في ذهول : 
- و عرفت اسمها منين يا بيه ؟!
- انت ترد و بس و اي حاجة هتخبيها هعتبرك بتتستر على جريمة
- يا بيه أنا ذنبي إيه ؟ ، ما قولت لصاحبك سيبوا البيت قبل ما تعيا بيوم ..
- صفية ماتت ازاي ؟
- الاسانسير (المصعد) وقع بيها ، و الناس بقت تقول إن جوزها اللي قتلها لكن هو اثبت إنه كان مسافر يومها رغغغمم ..
- رغم إيه ؟ انطق
- رغم إنه كان موجود ساعتها ..
- و مقولتش كدا ليه ؟ مش في ضابط حقق معاك ؟
- لا محدش حقق معايا و لو كانوا حققوا مكنتش هاعرف اقول حاجة كانوا هيكدبوني ، الموضوع قالوا قضاء و قدر و اهمال صيانة من الست صفية نفسها لأنها هي صاحبة البيت
- الست صفية شبحها ظهر قبل كدا ؟
- من ساعة الموضوع دا و البيت كله بقى شؤم و محدش عمّر في الشقة دي أبداً و ادي حضرتك شايف اللي حصلك..
- أنت لازم تشهد بالكلام اللي حكيته ليّ ، أنا هطلب فتح القضية ، أنا معايا دليل إن زوجها كان ناوي يقتلها ..


أتى طارق في المساء فقص عليه علي ما حدث فطلب منه طارق أن يتركا الشقة و لا يهتم بالأمر فلن يجني من ورائه إلا المتاعب لكن علي صمم ..
- خلاص لحد كدا انا هسيبك ، أنت خفّيت ، و أنا كنت ناوي اقولك قبل ما تعيا نسيب الشقة و بعد اللي حصل عاوز تقعد اقعد لوحدك ..

حضّر طارق حقيبته و وضعها أمام باب الشقة ليرحل في الصباح.
-
-
#يتبـــــع

تعليقات