نباش القبور ج4

اشرقت الشمس وكان كل شيء معد للعزاء ولتجهيز الجنازة ، اخذ ابنه ونزل به اسفل القبر ووضعه وهو لا يصدق ان ما بين يديه هو ابنه قرة عينه ,حينها فقط قاطع دموعه ذلك الحلم الذي رآه عن ولده وعلم ان موته بفعل احد.

خرج من القبر واغلقه خلفه واخذ الشيخ يرتل الآيات والسور القرآنية والجميع ما بين صمت وبكاء ، هنا عادت لمحروس احداث موت ابنه التي قتلته بدورها او بالأحرى ذكرته ، ماذا كان يفعل طفله خارجا بالمقابر بمنتصف الليل ؟

اسرع لزوجته يستفسر منها.. هذا كان سؤاله لها وبادلته بالرد انها سمعت صراخه واسرعت خارج المنزل لتجده ملقى بين المقابر جثة هامدة ، لكنها لم تشعر به وهو خارج من المنزل.

هذا اكد لمحروس ان ما يحدث سببه ذلك الرجل ، كانت لتظن زوجته ان موته لا دخل له بأحد لولا تلك العجوز مرة اخرى التي اقتربت منها لتعزيها بموت ابنها قائلة :

- البقاء لله ..

سكتت قليلاً ثم تابعت : يبدو انكِ لم تخبريه ان للميت حرمته.

هنا صرخت فيها الزوجة قائلة :

- اخبر من ؟و ماذا تقصدين بكلامك ؟! الا يكفيني ما انا فيه حتى تأتي انتِ لتحدثيني عن تخاريفك؟

- اهدئي يا ابنتي ، هنا اشارت العجوز على محروس الذي كان بدوره يسلم علي الرجال بالعزاء قائلة :

- اتحدث عنه يا ابنتي ، ثم نظرت لطفلتها الصغيرة متابعة :

- خسارة ان تدفن تلك الابتسامة.

هنا ابعدت الطفلة عنها وهي تصرخ بوجهها قائلة :

- ما هذا التخريف ، لو رأيتك تقتربين من ابنتي سا...

لكن العجوز لم تهتم لكلامها ولم تنتظر لسماع تهديدها بل تابعت طريقها مبتعدة عنها ، اسرعت خلفها واخذت تبحث عنها لكنها كمن تحلل بالهواء لم يعد لها اثر .

انتظرت الزوجة بعدما غادر الجميع واخبرته عن ما حدث ، واخذت صرخاتها به تزداد ( هل انت السبب بما حدث لابني )

لكنه ظل صامتاً مستمعاً لحديثها و بعد مدة انهى حديثها قائلاً :

- لست انا السبب بما حدث لابنك ، انه قضاء وقدر ولا اريد سماع هذا الكلام منكِ مرة اخرى.

انصرف محروس و تركها لكنها لم تصدقه فهي تعلم ان هناك شيئاً ما يحدث والسبب هو ما يفعله زوجها ، المفترض انه يحرس القبور من اللصوص لكن انقلب الحال.

عاد بالليل و لم يلتفت لنظراتها له التي ان تحدثت لقالت انت قتلت ولدي ، دخل الى سريره و ماهي الا لحظات حتى غط بالنوم ، رأى حلماً يشبه ذلك الحلم الذي مات فيه ابنه لكن هنا كان يسمعه فقط...

لقد كان يصرخ و صوته يدوي بالمكان ومحروس يلتفت حوله لا يدري من اين يأتي الصوت انه يتكرر بأرجاء المكان.

استيقظ محروس وهو لا يدرِ ما معنى ذلك الحلم ، لكنه تجاهله واخذ يتكرر يومياً اىي ان قرر محروس ان يفتح قبر ابنه ليرى ماذا يحدث به.

خرج محروس ممسكاً المصباح بالليل و لم يلتفت لنداء زوجته بل تابع طريقه لقبر ابنه وصراخه يتردد بسمعه .

اقترب من القبر وفتحه ونزل ادراجه ممسكاً بالمصباح وما ان وصل الى الاسفل كانت المفاجأة.

لقد وجد ابنه عارياً و ملقى بجانب من القبر كأنه تعارك مع شخص ما وضربه بعرض الحائط وكفنه ملقى بالجانب الاخر وكان ممزق تماماً ، اخذ يبكي على حال ابنه ممسكاً بالكفن حتى تراود لسمعه ذلك الصوت ، انه ليس غريباً عليه بل انه لا ينسى ابداً لأنه سبب ما يحدث ..

نظر الى مدخل القبر وعيناه غارقة بالدموع واذا بذلك الرجل يقف على المدخل وعلى وجهه ابتسامة شماتة بحاله.

صرخ به محروس قائلاً :

- أنا من فعلت بك هذا ، لا دخل لابني بذلك.

قاطع محروس كلمات الرجل :

- انت لم تصن الامانة يا محروس فلا تتوقع ان تصان امانتك.

اتم الرجل كلماته ثم اختفى ليجد محروس زوجته تقف مكانه وتنظر اليه والى ذلك الكفن بيديه ، لم تستطع التكلم بل بادرت دموعها لتتكلم عنها ، قبل ان يتحدث محروس مدافعاً عن نفسه قاطعته صرخات زوجته به قائلة :

- هل اعماك طمعك لتأخذ كفن طفلك ، كيف تفعل هذا ؟

اقترب محروس منها لتهدئتها وهي تستمر بإهانته لكنها بالنهاية استمعت له ولحديثه عن ذاك الرجل ومطاردته له وانه سبب ما يحدث لكن ذلك لم يكن ليغير شيئاً بل زاد الطين بلة.

قبل ان ينهي محروس حديثه تبادر الى ذهنه صوت صراخ طفلته الصغيرة التي تركوها وحدها بالمنزل ، ترك محروس قدماه تسابقه اليها وزوجته تبعته وما ان اقتربا ودخلا المنزل كانت الصدمة.

لقد وجدوا طفلتهم تبكي وهي تشير لذلك الشيء ، لقد كان رجلاً يغطي وجهه المشوه وكان يقف باعوجاع بسبب ارجله التي تشبه ارجل الماعز ،وعيناه تلك التي كانت بيضاء تماماً .

هنا صرخت زوجة محروس واسرعت لابنتها تجرها بعيداً عنه ومحروس يقف مردداً بعض الآيات القرآنية حتى اسرع ذلك الشيء بالهروب بعيداً عن المنزل مختفياً بين القبور.

بعدما قضت زوجة محروس الليل بكامله بجانب طفلتها التي تملكها الرعب من الصدمة ومحروس يراقبها ولا يجرؤ على الكلام ، اخذت طفلتها وخرجت من المنزل تاركة له شيء خلفها فيكفي خسارتها لطفلها ولن ..

تعليقات