شبح المصعد ج4 خ


في الصباح خرج علي و طارق ليذهبا للعمل و لكن طارق كان يحمل حقيبته حتى لا يعود للشقة ثانية .
و في المساء عاد علي وحيداً و قد دخل المصعد بعد أن كان امتنع عنه من يوم رؤيته لشبح صفية كما يعتقد و هو على ثقة أنها لن تؤذيه و هو ينوي مساعدتها ، و على عكس ما توقع ظهرت له بنفس صورتها السابقة و هي أكثر غضباً ، ففتح المصعد بسرعة في الطابق الثالث و صعد يلهث جرياً على السلالم حتى صعد للرابع و لكنه لم يجد عم فتحي !

تعجب علي و سأل عنه الممرض بالعيادة فأخبره بسفره لبلدته في المنيا !


احس علي أن عم فتحي هرب حتى لا يوقع نفسه في المتاعب ، اتجه علي للشقة و هو يشعر بالخوف أن يرى هذا الشبح مرة ثانية ، وضع المفتاح في الباب و دخل ببطء و قلق وجال بذهنه خاطر مقلق ، ما يدريه أن الرجل المجنون عم فتحي لم يذهب لصاحب البيت و يخبره بالأمر فيأتي لقتله كما قتل زوجته ؟ ! ..
ارتعد جسده و كأنه يطرد من ذهنه هذا الخاطر ، و أخرج المفتاح من باب الشقة و تراجع للخلف مغلقاً بابها و هم بالنزول على السلم و هو لا يعرف أين يذهب ؟ "المهم إنه ميقعدش لوحده في الشقة دي" ..


خرج علي من البيت و هو يبسمل و يتعوذ كما كان يفعل عم فتحي ، سار هائماً في الشارع حتى وجد نفسه أمام قسم الشرطة و كأنه سيق إليه مرغماً !
سأل عن الضابط الموجود ليعلم إن كان هو نفسه الذي حقق بالحادث فعلم أنه ضابط جديد ، دخل و هو لا يعلم أيذكر اسم عم فتحي أم يكتفي بالورقتان اللذان تؤكد فيها صفية بمحاولة زوجها قتلها ، قرر أن يحكي الأمر كله دون أن يذكر أمر الشبح حتى لا يظن الضابط أنه مجنون

- دي قضية بقالها ثلاث سنوات ..
قال الضابط محسن ذلك و هو يتفحص الورقتين و لفت نظره الشعرات اللاصقة بالورق
- انا لقيتهم كدا
- يظهر إنك هتشجعني افتح القضية تاني ، انا هعتبر دا حرز بس لازم الأول استدعي عم فتحي لو شهد هنطلع الجثة و نشرحها من جديد يمكن نلاقي دليل تاني .. تعرف إني كنت هاسكن في الشقة دي لكن واحد معرفة حذرني و أنا مخدتش في بالي ، تقدر تمشي يا علي و روح بات في الشقة يا رجل ، متخفش و إلا إيه هههههه

و قهقه بسخرية و هو يرمق علي المضطرب


عاد علي للشقة و أنار كل الأضواء و فتح الراديو على إذاعة القرآن الكريم و جلس على مقعد في الصالة ممدداً قدمه و قد اعتزم أن ينام في مكانه حتى الصباح ، غفل علي و رأى المرأة في الحلم كانت واضحة هذه المرة هادئة و لكنها تختلف قليلاً عن المرأة التي ارعبته في المصعد ، كانت تشير إلى عمود زخرفي في الصالة أمام المقعد الذي جلس عليه ، فتح علي عينيه و إذا بالمرأة أمامه فرك عينيه متسائلاً هل مازلت احلم ؟ ! عندما فتح عينيه ثانية لم يجد شيئاً !
سمع أذان الفجر فتوضأ و خرج للصلاة و هو ينوي أن يذهب بعدها للعمل و لا يرجع للشقة .


ذهب طارق لمقر الشركة ليجد عليا متكئاً على كرسي بجوار باب الشركة و قد غفى ..
- علي إيه اللي جابك بدري كدا ؟ ! إنت مبتّش في الشقة و إلا إيه ؟ !
تنهد علي و هو يصافح طارق :
- كانت أطول ليلة عشتها
- أنا قولت لك سيبها و تعالى معايا بلا مشاكل و قلق ..
- أنا بلغت خلاص ..
- برضه نفذت اللي في دماغك
- و عم فتحي هرب ..
- طبعا عنده حق ، رجل في السن دا يتبهدل في سين و جيم وعشان إيه .. شبح ؟ !
- سيبك من الكلام دا اللي حصل حصل ، يلا نشوف شغلنا
- اعمل حسابك هتروح معايا نبات سوا في اللوكاندة ، ماشي ؟
- إن شاء الله .


في المساء و بعد انتهاء العمل عرج علي على القسم ليسأل الضابط هل وجد عم فتحي ؟ و يخبره أنه غيّر مكان مبيته مع صاحبه طارق ، كان محسن قد جلب عنوان عم فتحي و جهز أمر استدعائه ، و بالفعل أتى عم فتحي و أكد كلام علي بتواجد زوج صفية وقت سقوط المصعد بها على عكس ما ذكر في التحقيق القديم .

أمر محسن بفتح المقبرة بعد إذن النيابة لإعادة التشريح و فوجئ بأن التحقيق لم يذكر شيئاً عن تشريح الجثة مطلقاً ، فإما لم يحدث تشريح أو حدث و أحدهم أخفى التقرير ..
و لكن عند فتح القبر وجدوا جثتين و كان يتوجب إخراج واحدة فقط و الأخرى أكيد دفنت في وقت سابق أو لاحق و دفنت في مقبرة العائلة .

قال التُربي إن والده رحمه الله هو الذي كان موجوداً أثناء الدفن و لا يعرف هو من الأحدث ، أغلق الضابط المقبرة و أجّل أمر إخراج الجثة حتى يأخد حمض "الدي إن إيه "من الشعيرات التي كانت ملتصقة بالورق ليخرج الجثة المطلوبة و إلا أخرج الاثنتين و في ذلك مسؤولية عليه ..


تلاحقت الأحداث سريعا ليتم القبض على زوج القتيلة صفية من المطار و هو يحاول الهرب بعد أن علم بإعادة فتح التحقيق في القضية ، و الغريب أن الجثتين لم تتطابق إحداهما مع البصمة الوراثية بالشعر اللاصق على الورقتين ، مما دفع الضابط للبحث في سجلات بلاغات الإختفاء ليتطابق وصف إحدى الجثتين بعد استبعاد الثانية لمعرفة هويتها من أهلها ، و ظهر أن الجثة المجهولة المتطابقة مع أحد بلاغات الإختفاء من أخت بأختفاء أختها في نفس الفترة و بنفس المواصفات ، و بعد مطابقة البصمة الوراثية تأكدت الفتاة أن القتيلة أختها و بقى سؤال أين صفية ؟

كان على الزوج القاتل أن يعترف بعد تضييق الضابط عليه ليتهاوى صارخاً بأنه قتل الفتاة ليداري على اختفاء جثة زوجته التي صب عليها العمود الإسمنتي بصالة الشقة بعد أن اكتشفت نيته في قتلها ، و خاف أن يفتضح أمره فلا يرثها فتعارك معها و حاول إسكاتها و لكنه خنقها و ماتت فصب هذا العمود و دفنها فيه و أخفى الأمر بالزخارف ، و بقي أن يبحث عن جثة أخرى يتمم بها خطته ليحصل على الميراث ، فوجد هذه الفتاة أحلام التي سمعها تتحدث عن حلمها أن تصبح ممثلة فأوهمها أنه سيكتشفها و طلب منها أن تأتي معه و ابتاع لها ملابس تشبه ملابس زوجته و لم ينس أن يغطي وجهها بقبعة كبيرة ليخفي ملامح وجهها حتى لا يعرف أحد الفرق و أدخلها المصعد ، ثم أخبرها أن سجائره نفدت و سيذهب ليشتري سريعاً و يلحقها ، و لكنه صعد السلالم جرياً ليصعد إلي حجرة المصعد و يتمم إتلاف كبل المصعد الذي كان يمزقه يوميا ببطء ليبدو قضاء و قدر ، حتى تحين اللحظة و ينفذ خطته كما فعل ..

انهار الرجل و بكى دموعاً لم تجلب له إشفاق من أحد بل زادت لعناتهم عليه خاصةً أخت الفتاة أحلام التي قتلها فقط لشبهها بزوجته لتحل محل الجثة المختفية .

ذهب محسن إلى الشقة مع قوة قامت بتكسير العمود الوهمي و أخرجوا منه جثة صفية و انتهت القصة و استقرت الأرواح الهائمة .
-
-
#تمـــــت

تعليقات